اليوم العالمي للقلب، مناسبة سنوية لتعزيز الوعي والجهود من أجل صحة “مضخة الحياة”
لاتزال أمراض القلب والشرايين القاتل الأول في العالم، والمسؤولة عن حوالي نصف الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية، وفق ما كشفته منظمة الصحة العالمية، ما يحتم تعزيز وعي الأفراد والمجتمعات بأهمية توحيد جهود الوقاية ومكافحة هذه الأمراض. فتحت شعار “استخدم قلبك من أجل العمل”، أطلق الاتحاد العالمي للقلب حملة تستمر ثلاث سنوات من 2024 إلى 2026، بمناسبة اليوم العالمي للقلب الذي يوافق يوم 29 شتنبر من كل سنة، وذلك بهدف دعم الأفراد وتوعيتهم بأهمية العناية بصحة قلوبهم، وتمكين مختلف الفاعلين المعنيين وتشجيع أصحاب القرار على أخذ صحة القلب والأوعية الدموية على محمل الجد، وتحفيز الدول على تطوير ودعم خطط العمل المحلية فيما يتعلق بصحة القلب.
وفي هذا الإطار، دعا الاتحاد إلى توفير منصة عالمية للعمل من أجل التنفيذ الفعال للآليات والأهداف المسطرة، مسجلا أن معظم البلدان لا تعطي الأولوية لهذا الموضوع أو لا تتوفر على سياسات وطنية للوقاية ولمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية، وإن وجدت فهي غير كافية.
وأكد أن هذه الأمراض السبب الرئيسي لوفاة 20,5 مليون شخص كل سنة، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم في المستقبل. وتشمل أمراض القلب والأوعية الدموية مجموعة من الاضطرابات والأمراض التي تصيب هذه الأعضاء وتؤثر على اشتغالها بشكل طبيعي. وفي هذا السياق، أكد الأخصائي في أمراض القلب، الدكتور أحمد بوعبد الله، أنه في المغرب يأتي على رأس أكثر هذه الأمراض شيوعا أمراض نقص تروية القلب، تليها الأمراض الدماغية الوعائية، واعتلال عضلة القلب، وعدم انتظام ضربات القلب، وأمراض الصمامات ثم أمراض القلب الخلقية.
وأضاف السيد بوعبد الله، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن 38 في المائة من الوفيات في المغرب ناتجة عن أمراض القلب والشرايين.
وأوضح المختص أن أهم العوامل الرئيسية لنشوء أمراض القلب والشرايين هي ارتفاع ضغط الدم، الذي ساهم، على الصعيد العالمي، في 11.3 مليون حالة وفاة في عام 2022، متبوعا بالتلوث بـ8.4 مليون وفاة، والتغذية الغير سليمة بـ8 ملايين وفاة، ثم التدخين بـ7.6 مليون وفاة، ومرض السكري بـ5.4 مليون وفاة، وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم بـ3.8 مليون وفاة، والسمنة بـ3.7 مليون وفاة، ثم استهلاك الكحول بـ1.88 مليون وفاة وقلة الحركة بـ 0.68 مليون وفاة.
وأبرز تطور العلاجات المقدمة في مجال أمراض القلب والأوعية بالمغرب، مشيرا إلى توفير عدة مصحات تقنيات جد حديثة في علاج جلطات شرايين القلب والمخ، واستبدال الصمامات بالقسطرة، وعلاج اضطرابات نظم القلب، وزرع أجهزة الوقاية من الموت المفاجئ.
وشدد السيد بوعبد الله على أن جهود رصد ومكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية ينبغي أن تركز أولا على الوقاية، مؤكدا ضرورة تقييم كل عوامل الخطر من أجل صياغة استراتيجيات فعالة وتبني برامج وطنية للتحكم فيها.
وبحسب هذا الأخصائي فقد تبين أن الإقلاع عن التدخين، وتقليل تناول الملح والسكريات، والإكثار من تناول الفاكهة والخضروات، وممارسة النشاط البدني بانتظام، وتجنب تناول الكحول، ممارسات يمكنها التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مضيفا أنه وجب تنفيذ سياسات تربوية وتوعوية وإجراءات لتشجع الناس على تبني سلوكيات صحية.
ودعا إلى إحداث برامج فعالة لتشخيص وعلاج ارتفاع الضغط الدموي، والسكري، وارتفاع الكولسترول، وبرامج كفيلة بتحسين نوعية الهواء والحد من التلوث، وتشجيع صناعة الأدوية الجنيسة لخفض تكلفة العلاج، وإنشاء المراكز المختصة والمجهزة للتكفل السريع والفعال بهذه الأمراض.
وبالنسبة لمنظمة الصحة العالمية فإن رفع مستوى الوعي بصحة القلب والأوعية الدموية وتسريع تدابير الوقاية من هذه الأمراض واكتشافها، وتعزيز جهود توفير الرعاية للمرضى واستمراريتها والحد من مضاعفاتها على مختلف الأصعدة، تعتبر إجراءات بالغة الأهمية ليس فقط من أجل الصحة العامة، بل في علاقتها مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمراض غير المعدية والتغطية الصحية الشاملة.
كما تعتبر المنظمة، بدورها، اليوم العالمي للقلب دعوة للجميع من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة، والتمكن من معالجة عوامل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية وتحسين نتائج المرض.