احتجاجات الشارع تحت المجهر.. هل تحولت منصات التواصل إلى سلاح ضد الاقتصاد المغربي؟

في الوقت الذي خرج فيه شباب مغاربة في مسيرات أطلقوا عليها اسم “جيل زاد”، مطالبين بإصلاحات تمس قطاعي الصحة والتعليم، برزت على مواقع التواصل موجة دعوات غريبة تتحدث عن مقاطعة كأس أمم إفريقيا المقبل. هذا التزامن لم يمر مرور الكرام، بل فتح الباب أمام نقاش واسع: هل الأمر مجرد صدفة، أم أن هناك محاولات منظمة لخلط الأوراق؟

اللافت أن هذه الحملات الرقمية لا تقدم حلولاً ولا تقترح بدائل، بل تركز حصرياً على ضرب حدث رياضي ضخم يشكل فرصة اقتصادية للبلاد. الجميع يعرف أن بطولة بهذا الحجم لا تخص الدولة وحدها، بل يستفيد منها آلاف المواطنين العاديين، من أصحاب النقل والمطاعم، إلى الفنادق والحرفيين، وصولاً إلى فرص العمل المؤقتة للشباب.

المحتوى المتداول يثير بدوره الكثير من الشبهات، فبعض الفيديوهات والصور خارجة عن سياقها، وأخرى تبدو مفبركة أو مقتطعة بشكل يغير معناها. الهدف، كما يفسره متابعون، هو استثمار الغضب الاجتماعي المشروع وتحويله إلى مسار آخر يضر بالمصالح الوطنية، في لحظة حساسة تسبق تنظيم تظاهرة قارية تحظى بمتابعة عالمية.

الاحتجاج في ذاته حق مضمون، لكن تحويله إلى وسيلة لتعطيل مشاريع اقتصادية واجتماعية لا يخدم سوى أجندات خفية. الإصلاح يحتاج إلى موارد واستقرار، وأي دعوة لنسف دورة اقتصادية كاملة تعني عملياً إضعاف القدرة على معالجة نفس المطالب التي يرفعها المحتجون.

في النهاية، يظهر أن المعركة الحقيقية ليست بين الشارع والدولة، بل بين من يريد إصلاحاً تدريجياً يستند إلى اقتصاد قوي، ومن يسعى إلى إدخال المغرب في دوامة فوضى رقمية تُبعد الأنظار عن المطالب الجوهرية وتحوّل الغضب الشعبي إلى أداة في يد آخرين.

 


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...