ندوة دولية بالرباط تبحث سبل استثمار التكنولوجيات الرقمية في التربية على حقوق الإنسان

بحث المشاركون في ندوة دولية احتضنتها الرباط اليوم الاثنين تخليدا للذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سبل استثمار التكنولوجيات الرقمية في مجال التربية على حقوق الإنسان، بما يعززها ويوطدها ويضمن فعليتها.

وركز أكادميون وحقوقيون ومسؤولون معنيون بحقوق الانسان خلال هذه الندوة التي نظمتها كلية علوم التربية، تحت عنوان “التربية على حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”، بتعاون مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ومجلس أوروبا، وجمعية مبادرات مواطنة”بوصلة”، على استجلاء الروابط بين منظومة حقوق الإنسان والفضاء الرقمي على النحو الذي يعزز التكامل بينهما، خصوصا وأن الفضاء الرقمي يحتاج، كما جاء في تقديم للأشغال ، إلى إعادة بلورة الأسس الموجهة لضبطه وتحصينه من أي انزلاقات قد تودي بفلسفة حقوق الإنسان.

كما شكلت الندوة التي نظمت بتنسيق مع المنتدى المتوسطي للشباب بالمغرب، مناسبة للوقوف على الرصيد الحقوقي الذي راكمه المغرب في مجال حقوق الإنسان وفي ضمان فعلية الحقوق والحريات كما تضمنها دستور 2011، وكذا لرصد القوانين الهادفة إلى التصدي لانتشار المحتويات الرقمية الممكن أن تحرض على العنف أو التمييز الذي ينبني على الدين والعرق والجنس. واستحضر عميد كلية علوم التربية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد اللطيف كداي، في كلمته، سياق تنظيم هذه الندوة الدولية الذي يصادف تخليد ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مبرزا أن “الفضاء الرقمي بقدر ما يختزن إيجابيات كثيرة ينطوي على سلبيات كثيرة قد تتعارض مع حقوق الإنسان.”

وأكد أن التربية على حقوق الإنسان تعتبر في السياق الحالي “المشوب بعدم اليقين العالمي ضرورة ملحة”، مشيرا إلى أن “الوسائط الرقمية التكنولوجية بمقدورها تكريس حقوق الإنسان وتبديدها على حد سواء”.

واعتبر في هذا الاتجاه التربية الرقمية من المداخل الأساسية لضمان فعلية حقوق الإنسان متى استهدفت الشباب في المقام الأول، معلنا عن إحداث “مركز التربية على حقوق الإنسان بكلية علوم التربية” لينكب على التثقيف في هذا المجال والبحث فيه أكاديميا. و المركز الجديد ، كما أكد السيد كداي ، ليس مجرد برنامج عرضي بل هو برنامج مستمر يستلهم أسسه من برامج التربية على حقوق الإنسان الممتدة زمنيا، وذلك ضمن الأدوار التي تلعبها الجامعة عموما كفضاء أنسب للنهوض بثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها. بدورها سلطت رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالرباط، كارمين مورتي غوميز، الضوء على الترسانة القانونية الأوروبية الموجهة لمناهضة خطابات الكراهية والعنف الذي يطال النساء، مبرزة أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعتبر “غاية مثلى” يتعين أن تبلغها كافة الأمم والشعوب .

ودعت المسؤولة الأوروبية إلى التصدي لخطابات الكراهية و الميز في الوسائط الرقمية، خصوصا في المجتمعات الأوروبية، مؤكدة أهمية البناء على الأحكام القضائية التي بلورتها المحاكم الأوروبية والتي راكمت رصيدا مهما في مجال حقوق الإنسان. واستشهدت في هذا الصدد بأحكام قضائية شددت على ضرورة شمل الأفراد الأكثر هشاشة في المجتمعات بالحماية القانونية، مشيرة إلى الأدوار المحورية التي ينهض بها المهنيون والجامعيون في توطيد المهارات القانونية، وتحديد الأجوبة المواتية للإشكالات المتصلة بحقوق الإنسان.

أما مدير التنسيق والنهوض بحقوق الإنسان بالمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، محمد عادي، فأكد أن الغاية من الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تكمن في “تجديد العهد بمبادئ وروح هذا الإعلان الذي حرر التزامات طوعية للنهوض بحقوق الإنسان اعتبارا للسياق الدولي الذي يتسم بالتراجع”. وكشف أن التربية على حقوق الإنسان تساعد على إعادة التشبث بهذا الإعلان من خلال الانكباب على قضايا ناشئة من قبيل خطاب الكراهية، مشيرا إلى أن الفضاءات الرقمية كانت ساحة لتفاقم انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان.

ودعا في المقابل إلى حسن استثمار الطفرة التكنولوجية بما يضمن فعلية حقوق الإنسان، و”ألا نكون أعداء للتكنولوجيا التي تعتبر ركيزة أساسية لإحداث التحولات المتصلة بضمان التمتع بحقوق الإنسان في مجالات أساسية كالتعليم، والصحة، والحق في المشاركة السياسية”، مسجلا الحاجة إلى ضمان الحماية اللازمة لحقوق الإنسان في سياق استعمال وسائل الإعلام الحديثة. وأوضح أن الجامعة هي الفضاء الأنسب للرصد والنقاش وتأصيل المعرفة المتصلة بحقوق الإنسان، داعيا إلى الاهتمام بفضاءات التنشئة والتربية والتعليم على اعتبار أدوراها في توطيد احترام حقوق الإنسان، وفي إشاعة القيم والمثل المتصلة به.

من جانبه نوه رئيس جمعية مبادرات مواطنة” بوصلة”، محمد ياسين عبار، بتنظيم ندوة حول “التربية على حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي”، مبرزا أن الفضاء الرقمي كـ “عالم المحاكاة يقتضي تثبيت مفاهيم جديدة تتأسس على فكرة وروح وفلسفة حقوق الإنسان.”

بدوره سجل ياسين إيصبويا، المنسق العام للمنتدى المتوسطي للشباب بالمغرب، حاجة المتدخلين في مجال حقوق الإنسان إلى التكامل وتعزيز التعاون. وشكلت الندوة مناسبة لإطلاق دورات “HELP” كمبادرة مشتركة لبرنامج التدريب الأوروبي في حقوق الإنسان للمهنيين القانونيين التابع لمجلس أوروبا ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...