أحمد اليعقوبي يكتب : التكنولوجيا اللعينة..!!

صديقي نشيط في الفيسبوك ويعشق التكتوك ويطل باستمرار على منصة إكس ولا يمكنه التغيب عن متابعة معجبيه حول العالم بالانستغرام.. ويرد على كل رسائل الواتساب ..اما اليوتيوب فمشترك في أغلب قنواته من الرياضة الى الفنون والبسة الموضة..وصولا الى جميع انواع الحوادث والأحداث اجتماعية كانت و سياسية .. !!
يعرف اين وصلت قضية سعد لمجرد وماذا تحقق من مقاطعة طلبة كلية الطب للامتحانات.. واين بلغ موضوع المدونة بعد ان حوله جلالة الملك الى المجلس العلمي..كما يتابع صديقي مباراة فرنسا وكندا لكرة القدم النسائية في العاب اولمبياد فرنسا ..ويفاجئك بكون الحكمة المغربية بشرى الكربوبي هي من ادارت اللقاء باقتدار..اما متابعة منتخب المغرب فلا يترك قناة تحليلية الا وساهم معها بالمتابعة التامة والتعليق والردود ..
الوطنية والقوميةلا يمكن تجاهلها من قبل صديقي هذا،، فهو يدرك تفاصيل وجديد القضية الوطنية ويترقب اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء ويستهزء من سعار نظام الكابرانات ،كما يحلو له وصفهم، والذين يدعون انهم محايدون ،، كما يتألم على مجازر إسرائيل في غزة ويتفاعل مع تصريحات حسن نصر الله ومبارزاته الكلامية مع كيان تل أبيب !!
يا إلهي..!!.اي موسوعة فكرية او وعاء عقلي هذا الذي تحمله جمجمة الرجل !!؟ تساءل صديق أخر لي .. وأضاف بشوق واندهاش..وماذا يعمل صديقك هذا ؟!
– هو صراحة كان يشتغل في ادارة ..لكنه الان متفرغ..
*كيف متفرغ ؟ أه،، متفرغ نقابي ؟؟ لأجل قضايا العمال ..والله حسنا فعل ..البلاد في حاجة الى المناضلين لايقاف فيضان الظلم والاستبداد..!!
– لا لا أبدا صديقي لا يعلم بالفعل النقابي او السياسي ..وحتى الجمعوي يكاد يجهل ابسط انشطته… بل لم يشاهد قط عرضا مسرحيا ولا اقتنى تذكرة فيلم سينمائي او حضر سهرة موسيقية.. .
صديقي كائن شبه تكنولوجي..متفرغ لهاتفه الخلوي بشكل يشبه التوحد ..مرتبط بسماعاته التواصلية وعلى طاولته بالمقهى المعتاد لا بد من كوب قهوة لترتيب المزاج وعلبة سيجارة لتقوية المثابرة الذهنية ..يحترمه كل الرواد بتوجس وحذر ..قد لا يرد السلام بسبب انشغاله بالمتابعات المتعددة ..وان فعل فقد يضيف ربع ابتسامة الى نظرته السريعة!! ..منتظم في حضوره وذهابه وحريص على أن يبدو خلوقا ومؤدبا ،،يتقمص ،بقصد او بدونه ،شخصية الوقار والاحترام ..مدة مقامه اليومي بالمقهى تعد بالساعات ،،لا يستطيع حتى النادلان ظبطها بحكم تبادلهما اوقات العمل ..!!
لم يتجرأ صديقي الثاني على السؤال حول ظروفه العائلية ..وهل بقي من وقت لديه لأسرته وابنائه.؟؟.وهل تواصلاته التكنولوجية اثرت على العلاقة الداخلية مع محيطه ..؟؟
تلك حكاية أخرى قد يتفضل هو ، يوما ما، في سردها ..لنا ان نتخيل بؤس ما قد تفعله التكنولوجيا الرقمية بتواصلنا الخارجي والداخلي ..وما الخطر الذي ترسمه في قادم علاقاتنا الاجتماعية ، ذلك ونحن أناس راشدون ..اما الصغار والمراهقون فيبدو ان الحديث يتجاوز الحرج ويضعنا امام مستقبل مخيف ..!!